خلال مشاركته في المؤتمر الدولي "نزاهة وحوكمة من أجل التنمية المستدامة" د. الشلالدة: إنضمام فلسطين للإتفاقية الأممية لمكافحة الفساد يمنح القضاء وأجهزة إنفاذ القانون أداة مهمة في سبيل إستعادة أموال الشعب المنهوبة وضبط مرتكبي الجرائم

خلال مشاركته في المؤتمر الدولي "نزاهة وحوكمة من أجل التنمية المستدامة"

د. الشلالدة: إنضمام فلسطين للإتفاقية الأممية لمكافحة الفساد يمنح القضاء وأجهزة إنفاذ القانون أداة مهمة في سبيل إستعادة أموال الشعب المنهوبة وضبط مرتكبي الجرائم

 رام الله 10-12-2019 – شارك وزير العدل أ. د. محمد الشلالدة، في فعاليات المؤتمر الدولي "نزاهة وحوكمة من أجل التنمية المستدامة"، الذي تنظمه هيئة مكافحة الفساد، في جلسة "التشريعات والسياسات الوطنية المعززة للنزاهة والحوكمة من أجل التنمية المستدامة".

 

وقال وزير العدل في كلمته عن مواءمة التشريعات الفلسطينية نحو مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة، في الجلسة الثانية التي ترأسها رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الأردنية الدكتور مهند حجازي، وبمشاركة أمين عام مجلس الوزراء د. أمجد غانم، ورئيس ديوان الموظفين العام موسى أبو زيد، أن تاريخ 31/10/2003 يعتبر تاريخاً مهما في حياة البشرية جمعاء، ففي هذا اليوم توجت جهود الأمم المتحدة التشريعية في مكافحة الفساد بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتفاقية مكافحة الفساد، التي تعد الوثيقة القانونية الدولية الوحيدة التي تتناول موضوع الفساد بهذه الشمولية.

 

وتأتي أهمية هذه الاتفاقية من كونها جاءت لتكمل سلسلة من القرارات والاتفاقيات الدولية التي سبقتها وتشجع الجهود الوطنية والدولية في مجال مكافحة الفساد، إذ إنها الاتفاقية العالمية الوحيدة التي تتناول ظاهرة الفساد وتسعى لتشجيع الدول الأطراف على إيجاد الأطر الفعالة لمكافحتها.

 

وجاءت هذه الاتفاقية للوقاية من هذه الآفة ولمكافحة آثارها المدمرة على المجتمعات والدول وخفض مستويات الظلم المتولد عنه، فأثاره المدمرة على النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية تهدد قوة ومكانة أية دولة في العالم، وتضعفها فالفساد في جوهره حالة تفكك تعتري المجتمع نتيجة فقدانه لسيادة القيم الجوهرية، ولعدم احترام القانون وعدم تكريس مفهوم المواطنة وغياب ثقافة حقوق الإنسان واحترامها بشكل طبيعي.

 

وأضاف د. الشلالدة، "وبعد أن اكتسبت دولة فلسطين صفة "دولة مراقب غير عضو" في الأمم المتحدة بتاريخ 29/11/2012م، انضمت فلسطين إلى الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، بموجب إيداع صك انضمامها إلى الاتفاقية لدى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 2 نيسان 2014.

 

 

 

وأشار ان إنضمام فلسطين للإتفاقية الأممية لمكافحة الفساد يمنح القضاء الفلسطيني وأجهزة إنفاذ القانون أداة مهمة في سبيل إستعادة أموال الشعب المنهوبة وضبط مرتكبي الجرائم وجلبهم للمحاكمة وإيقاع الجزاء الجنائي بحقهم، مما يُساهم في تحقيق الردع العام ومنع من تسول له نفسع من إتيان ذات الأفعال مُستقبلا.

 

غير أن مسألة إنضمام فلسطين للإتفاقية الأممية دون تحفظات فتح النقاش على مصراعيه حول مدى جاهزية المنظومة القانونية الوطنية في جعل مؤسسات الدولة قادرة على تحمل مسؤولياتها تجاه المجتمع الدولي، وإلا فإن خطوة التوقيع على هذه الإتفاقية تبقى منقوصة وغير مُجدية.

 

أثار انضمام دولة فلسطين للاتفاقيات الدولية وخاصة الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، عدداً من التساؤلات القانونية، التي شغلت العديد من القانونيين في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، فما هي الآثار المترتبة على هذا الانضمام، من حيث مكانتها في المنظومة القانونية الفلسطينية (في إطار القواعد الداخلية الدستورية، والتشريعية) وأساسها القانوني على المستوى الدولي، وما مهي التشريعات الواجب مواءمتها مع هذه الاتفاقية.

أولاً: تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في فلسطين

إن الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد كغيرها من الاتفاقيات التي انضمت إليها دولة فلسطين لابد من تطبيقها وفقاً للقواعد الدولية المتعلقة بنفاذ المعاهدات، فقد كَثُرت النقاشات القانونية حول مكانة الاتفاقيات الدولية مقارنة بالتشريع الداخلي، وهل القاضي الجنائي الفلسطيني يلزم بتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في ظل عدم وجود نص صريح  يبين مرتبة هذه المعاهدات في النظام القانوني الفلسطيني، أو حتى على آليات التصديق على المعاهدات الدولية، فكل ما نجدهُ من نصوص في القانون الأساسي حول الاتفاقيات الدولية لا يحدد السلطة المختصة بإبرام المعاهدات الدولية في النظام القانوني الداخلي، ومن يسمو على الأخر القانون الدولي أم الداخلي،  ولا يشير أي منها إلى مسألة التصديق على المواثيق الدولية والإجراءات المتبعة، الأمر الذي يرتب إشكالات عدة تعتري تحديد مكانة المعاهدات في النظام القانوني الداخلي في ظل عدم وضوح الإجراءات التي تتعلق بها.

إن انضمام دولة فلسطين للاتفاقيات الدولية، يقضي لزاماً أن تصبح فيه مسؤولة أمام المجتمع الدولي، وأمام بقية الدول التي صدقت على الاتفاقية نفسها، وأمام مواطنيها وسائر المقيمين على أراضيها عن تنفيذ الاتفاقية، فيجب أن تضمن موائمة قوانينها الوطنية مع واجباتها الدولية وفقاً لمبدأ حسن النية، كما أن الانضمام للاتفاقيات الدولية يوجب تطبيق الاتفاقية من قبل القضاء الوطني، وأن يعتبرها أداة مساعدة في تفسير القانون الوطني، وان يضمن تفسير القانون الوطني وتطبيقه، على نحو يتفق مع أحكام الاتفاقية، وذلك سنداً لقواعد القانون الدولي التي توجب على المحاكم أن تتجنب وضع الحكومات في موقف مخالف لأحكام أي معاهدة دولية انضمت إليها.

فقد ثبت مبدأ تنفيذ الالتزامات الدولية في ميثاق منظمة الأمم المتحدة، فالمادة الثانية منه تلزم الدول أعضاء المنظمة أن تنفذ بنزاهة وأمانة الالتزامات الدولية المترتبة على الميثاق، وثبت هذا المبدأ أيضا في اتفاقية فيينا الخاصة بقانون الاتفاقيات أو المعاهدات الدولية فالمادة 27 من هذه الاتفاقية تلزم الدول عدم الاستناد إلى القانون الداخلي لكي تبرر عدم تنفيذها للالتزامات الدولية المترتبة عن القانون الدولي والاتفاقيات الدولية.

كما أنه لا يمكن التذرع بعدم تنفيذ الاتفاقية بداعي عدم نشرها في الجريدة الرسمية، كما انه يتطلب من دولة فلسطين العمل على مواءمة قوانينها الداخلية مع ما صادقت عليه من اتفاقيات دولية، ويتطلب هذا العمل إلغاء أي قوانين أو تشريعات أو أنظمة تتعارض مع ما جاء في نصوص الاتفاقية التي تصادق عليها دولة فلسطين.

ثانياً: الآثار القانونية التي ترتبها الاتفاقية على سياسة التجريم والعقاب في فلسطين

استقر النظام القانوني حول قاعدة ثابتة في تمييز السلوك الإنساني المحظور والمجرم، وقرر قاعدة قانونية مهمة تجعل تجريم الفعل والمعاقبة عليه لا تتم إلا بموجب نص في القانون، وقد اعتبر مبدأ الشرعية القائل بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في القانون، من أهم ضمانات حقوق الإنسان وحرياته، وهذا المبدأ كفله القانون الأساسي المعدل حيث نصت المادة 15 منه على "العقوبة شخصية، وتمنع العقوبات الجماعية، ولا جريمة ولا عقوبة، إلا بنص قانوني، ولا توقع العقوبة إلا بحكم قضائي ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون.

على الرغم من أن الاتفاقية لا يمكنها أن تنشئ بذاتها تجريماً مباشراً يطبق تلقائياً على الدول الأطراف فيها، فان ما تضمنته من الدعوة إلى تجريم مختلف أفعال وصور الفساد ينطوي على درجة من الإلزام في مواجهة الدول الأطراف فيها، والتي يعترف نظامها القانوني أن الاتفاقيات الدولية التي تصدق عليها الدول الأطراف تصبح جزءاً من قانونها الداخلي وستصبح هذه الدولة عاجلاً أم آجلاً مدعوة لإجراء المواءمة بين الاتفاقية وتشريعاتها الداخلية.

إن الجريمة هي السلوك الإنساني المحظور الذي يخل بأمن المجتمع وسلامته، أو كل فعل أو ترك جرمه المشرع وقرر له العقوبة المناسبة، والركن الشرعي للجريمة هو وجود النص القانوني الذي يحدد الفعل الذي تم تجريمه ويبين العقوبة المقررة لهذا الفعل، ويجب على الدول الأطراف في الاتفاقية أن تجرم عدداُ من الأفعال في قانونها الداخلي إذا لم تكن تلك الأفعال مجرمة فيها من قبل ويجب على الدول التي يوجد لديها من قبل تشريع بهذا الشأن أن تكفل توافق الأحكام القائمة لديها مع مقتضيات الاتفاقية، وان تعدل قوانينها إذا لزم ذلك.

وعليه وضعت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد مجموعة من النصوص رسمت من خلالها الإطار التجريمي للعديد من الأعمال غير المشروعة التي تعد جرائم فساد ، الامر الذي يقودنا للنظر بمدى مواءمة التشريعات السارية لبعض الجرائم الواردة في الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد في القطاعين العام الخاص.

أ‌-     تجريم الفساد في القطاع العام:

1- جريمة الرشوة:

اعتبر قانون العقوبات الأردني لعام 1960 الساري في الضفة الغربية، الرشوة جريمة واحدة سواءً طلبها أو قبولها، وعاقب على عرض الرشوة أيضاً من جانب الراشي وان لم يجد قبولاً لدى المرتشي، تحقيقاً لأغراض تتعلق بالسياسة الجنائية، وتطلب المشرع أن يقابل عرض الرشوة بعدم قبول من جانب المرتشي، كما انه عاقب المرتشي ولو لم يجد طلبه قبولاً لدى الراشي صاحب الحاجة، وذلك في المواد 170-173 المتعلقة بالجرائم التي تقع على الإدارة العامة الواردة ضمن الفصل الأول الباب الثالث من قانون العقوبات[1].

وعليه يمكن القول بان القانون الأردني الساري يعتبر الرشوة من جرائم الخطر(الجرائم الشكلية) وليس الضرر (الجرائم ذات النتيجة) فهي على خلاف النوع الثاني لا تتطلب لتحققها قيام الموظف الذي قبل أو عرض الرشوة أن يقوم بعمل مخالف للقانون، ويكفي عملية القبول أو العرض لتحقق الجريمة ركنها المادي.

 كما أن المشرع يعتبر جرائم الرشوة من الجنح التي لا تزيد عقوبتها عن السجن لثلاث سنوات بحد أقصى في حين تعتبر جرائم الكسب غير المشروع من الجنايات وهذا مخالف للمنطق السليم حيث تصبح جريمة الكسب غير المشروع (عقوبتها جنايات) متحصلة عن جريمة الرشوة عقوبتها جنحية.

 

 

2-  رشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية

ويعكس هذا الجرم صورة من جريمة الرشوة التي ناقشناها سابقاً لكنه يختلف عنها من حيث أنها تطبق على الموظفين العموميين الأجانب أو موظفي المؤسسات الدولية العمومية بدلاً من الموظفين العموميين الوطنيين، أما الاختلاف الثاني فهو وجوب أن تكون المزية غير المستحقة أو الرشوة مرتبطة بتصريف الأعمال التجارية الدولية، الذي يشمل تقديم المعونة الدولية.

هذا النوع من الرشوة يدفع لكبار الموظفين و المسؤولين في الدول وتدفع لقاء قيام حكومة الدول بشراء مواد ومستلزمات وتجهيزات من شركة دون أخرى، أي عند الإعلان عن المناقصات الدولية لتنفيذ مشروعات ضخمة، مما يدفع بالشركات الأجنبية إلى دفع رشاوى كبيرة للحصول على المناقصات وامتيازاتها[2].

ويجب على الدول بمقتضى الفقرة 1 من المادة 16 من الاتفاقية[3] أن تجرم القيام عمداً بوعد موظف عمومي أجنبي أو موظف مؤسسة دولية عمومية بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها على نحو مباشر أو غير مباشر، سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر، لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما، لدى أداء واجباته الرسمية من أجل الحصول على منفعة تجارية أو أي مزية غير مستحقة أخرى أو الاحتفاظ بها فيما يتعلق بتصريف الأعمال التجارية الدولية[4].

وفلسطينياً لم تجرم قوانين العقوبات السارية رشو وارتشاء الموظف الأجنبي، وموظفي المؤسسات الدولية العمومية، حيث اشترطت في شخص مرتكب الرشوة أن يكون موظفاً عمومياً وفقا للتشريع الوطني.

3-  اختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها بشكل آخر من قبل موظف عمومي

وهي إحدى أهم جرائم الفساد بالنظر للآثار السلبية المالية الناجمة عنها، حيث تمثل إهداراً لأموال وممتلكات الدولة وتشكل ضرباً من ضروب خيانة الموظف للأمانة التي أودعت إليه من حيث توليه الوظيفة وضرورة الحفاظ على الأموال والممتلكات التي يضع يده عليها بحكم هذه الوظيفة.

والعناصر اللازم توفرها في هذا الجرم هي قيام موظفين عموميين باختلاس أشياء ذات قيمة عهد بها إليهم بحكم موقعه أو تبديدها أو تسريبها بشكل آخر ويجب أن يشمل الجرم الحالات التي تكون فيها هذه الأفعال لصالح الموظفين العموميين أو لصالح شخص آخر أو كيان آخر.

نصت المادة 17 من الاتفاقية: تعتمد كل دولة طرف، ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم قيام موظف عمومي عمدا لصالحه هو أو لصالح شخص أو كيان آخر، باختلاس أو تبديد أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خصوصية أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد بها إليه بحكم موقعه، أو تسريبها بشكل آخر.

جرمت المادة 174 من قانون العقوبات الساري في الضفة فعل اختلاس الموظف العمومي لما أوكل إليه بحكم وظيفته، دون أن تغطي صراحة الاختلاس لصالح شخص أو كيان آخر، ولا فعلي التسريب والتبديد، غير انه تنطبق على هذه الأفعال أحكام المادة 422 من قانون العقوبات والتي تجرم إساءة الأمانة بشكل شامل بحيث تنطبق على الموظفين العموميين في حالة عدم انطباق أحكام المادة 174.

4-  إساءة استغلال الوظائف

نصت المادة 19 من الاتفاقية على: "تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لكي تجرم تعمد موظف عمومي إساءة استغلال وظائفه أو موقعه، أي قيامه أو عدم قيامه بفعل ما، لدى الاضطلاع بوظائفه، بغرض الحصول على مزية غير مستحقة، لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر، مما يشكل انتهاكا للقوانين".

ويشجع هذا الحكم على تجريم سلوك الموظفين العموميين الذين يسيئون استغلال وظائفهم، أي يقومون أو يمتنعون عن القيام بفعل، من اجل الحصول على مزية غير مستحقة مما يشكل انتهاكا للقوانين.

والنموذج القانوني لهذه الجريمة يتسم بالاتساع، بقدر ما يفتقر إلى عناصر محددة مثلما الحال في جرائم الرشوة والاختلاس والاتجار بالنفوذ، وهو يواجه في الواقع الفروض الأخرى لانتفاع الموظف على نحو غير مشروع من أعمال وظيفته بالمخالفة لأحكام القانون سواء أكان الانتفاع لنفسه أو لغيره، ولكن ما يميز جريمة استغلال الوظائف في كونها من جرائم الخطر والضرر وان الركن المعنوي لهذه الجريمة يتطلب قصدا عاما إضافة إلى القصد الخاص وفقا لمقتضى المادتين 175 و 176 من قانون العقوبات.

وقد عرف قرار بقانون رقم 37 لسنة 2018 إساءة استعمال السلطة: قيام الموظف أو عدم قيامه بفعل ما، لدى الاطلاع بوظائفه، بغرض الحصول على مزية غير مستحقة لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر، مما يشكل انتهاكاً للقوانين.

5-  الإثراء غير المشروع

إن جريمة الإثراء أو الكسب غير المشروع تمثل في القانون انتهاكاً لقرينة البراءة، أو بالأقل شبهة للمساس بها بالنظر لكونها لدى الكثيرين تعتبر نقلا لعبء الإثبات، حيث أنها توجب على المشتبه فيه أو المتهم أن يثبت بنفسه براءته، من خلال إلزامه بإثبات مشروعية مصدر الأموال التي يحوزها، والتي تزيد زيادة كبيرة عن دخله الوظيفي.

ويتعين على الدول الأطراف رهنا بالمبادئ الدستورية والأساسية لنظمها القانونية، أن تنظر في تجريم الإثراء غير المشروع، ويجب عليها أن تنظر في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم تعمد موظف عمومي إثراء غير مشروع أي زيادة موجوداته، زيادة كبيرة لا يستطيع تعليلها على نحو معقول قياساً إلى دخله المشروع.

لكن التزام الأطراف بالنظر في تجريم هذا الفعل مرهون بدستور كل دولة طرف وبالمبادئ الأساسية لنظامها القانوني وهذا ما يسلم بالفعل بأن جرم الإثراء غير المشروع الذي يتعين فيه على المدعى عليه أن يعلل نحو معقول الزيادة الكبيرة في موجوداته، قد يعتبر في بعض الدول متعارضاً مع الحق المنصوص عليه في القانون بشأن افتراض البراءة حتى تثبت الإدانة.

وهذا ما أكدته المادة 20 من الاتفاقية حيث نصت على "تنظر كل دولة طرف، رهنا بدستورها والمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم تعمد موظف عمومي إثراء غير مشروع، أي زيادة موجوداته زيادة كبيرة لا يستطيع تعليلها بصورة معقولة قياساً إلى دخله المشروع.

ومن الملاحظ على هذا النص أن لم يعرض إلا للإثراء غير المشروع الناشئ عن زيادة موجودات أو ثروة الموظف نفسه، دون أن يشار إلى زيادة موجودات أو ثروة زوجه أو أولاده القصر، وهو الأمر الذي يختلف عما تنص عليه بعض التشريعات العربية.

ويذكر في هذا الصدد أن قانون مكافحة المعدل لعام 2018 جرم الكسب غير المشروع وعرفه بأنه: كل مال حصل عليه أحد الخاضعين لأحكام هذا القرار بقانون، لنفسه أو لغيره بسبب استغلال الوظيفة أو الصفة، ويعتبر كسباً غير مشروع كل زيادة في الثروة تطرأ بعد تولي الخدمة أو قيام الصفة على الخاضع لهذا القرار بقانون أو على زوجه أو على أولاده القصر، متى كانت لا تتناسب مع مواردهم، وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها

ب‌-  تجريم الفساد في القطاع الخاص

إن التقدم الجاري في عمليات الخصخصة في البلدان العربية يجعل مهمة كبح جماح الفساد في شركات القطاع الخاص نفسها وفي علاقاتها بالقطاع العام أكثر إلحاحا، وخصوصاً أن الرقابة على أنشطة القطاع الخاص ضعيفة، إضافة إلى إن الوضع الجديد يزيد القناعة بضرورة أن يلعب القطاع الخاص أدوارا قيادية في العملية الاقتصادية، ويترتب على هذا مسؤوليات اجتماعية تجاه المجتمع والمستهلك والعاملين، ولذا فإن عليه أن يراعي مبادئ الإدارة الرشيدة والشفافية، والنزاهة، والمساءلة، وعدم الإضرار بالبيئة واحترام حقوق العاملين، وزيادة معارفهم، إضافة إلى رفع الرواتب على النحو اللازم ومكافحة الفساد واحترام القانون.

ويأخذ الفساد في القطاع الخاص وينتشر في معظم قطاعاته، ولكن بنسب مختلفة، اعتماداً على حجم الربح المتوقع ودرجة المخاطرة المرتبطة، ومن أبرز أشكال الفساد في القطاع الخاص، دفع الرشاوى لكسب العطاءات الحكومية.

1-  الرشوة في القطاع الخاص

إذا كانت جريمة الرشوة قد اقتصرت في مفهومها التقليدي على رشوة الموظفين العموميين الذين يعملون في إدارات الدولة ومؤسساتها وهيئاتها وكافة الكيانات الأخرى التابعة بشكل أو بآخر للدولة، فان النظام الاقتصادي الحر والذي يضطلع القطاع الخاص فيه بدور مركزي قد استدعى تجريم صور الفساد التي تقع في هذا القطاع.

تستحدث اتفاقية مكافحة الفساد جرم الرشو والارتشاء في القطاع الخاص، وهو ما يعد ابتكاراً هاما بحيث تبرز المادة 21 أهمية اشتراط النزاهة والأمانة في الأنشطة الاقتصادية أو المالية أو التجارية. 

ولا تختلف الرشوة في القطاع الخاص عنها في القطاع العام، إلا من حيث صفة الفاعل حيث تقع في القطاع الخاص على أي شخص يدير الشركة أو أي كيان تابع للقطاع الخاص ويعمل لديه بأية صفة كانت أما الرشوة في القطاع العام فإنها تنطبق على من توافرت فيه صفة الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة عامة على النحو الذي أوضحته المادة الثانية من الاتفاقية وفقا لما ذكرنا سابقا.

لم تجرم فلسطين الوعد بالرشوة في القطاع الخاص أو عرضها أو منحها، ولم تجرم طلبها أو قبولها، وبرأينا أن مكافحة جريمة الرشوة في القطاع الخاص لا تقل أهميةً عن محاربتها في القطاع العام لما لها من تأثير سلبي على القطاع الأكبر في الوطن وتهديدا للاقتصاد الوطني، الأمر الذي يستدعي من صائغي التشريعات ضرورة تجريم هذا الفعل سواء في قانون العقوبات أو في قانون مكافحة الفساد.

2-  اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص

لم يقتصر الإطار التشريعي لتجريم الفساد في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، على اختلاس الممتلكات والأموال العامة، بل اشتمل أيضا على اختلاس الممتلكات و الأموال في القطاع الخاص بالنظر للدور الهام الذي تقوم به كيانات هذا القطاع ومؤسساته في دفع عجلة نظام الاقتصاد ومتطلبات التنمية.

إن المادة 21 وكذلك المادة 22 بشأن اختلاس الممتلكات، تشملان السلوك الذي يقتصر تماما على القطاع الخاص، حيث لا وجود لاتصال بالقطاع العمومي، ولكن بخلاف جرائم الرشو والارتشاء تحث المادة 22 من الاتفاقية، الدول على النظر في تجريم تعمد شخص يدير كياناً تابعا للقطاع الخاص، أو يعمل فيه بأي صفة اختلاس أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية خصوصية أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد بها إليه بحكم موقعه.

وتم تجريم الاختلاس في القطاع الخاص في قانون العقوبات الساري ضمن ما يسمى إساءة الائتمان[5]، وتبدو العلة من تدخل المشرع الجزائي للعقاب على هذه الجريمة في أن الجزاء المدني لا يكفي لردع العبث بالائتمان الخاص الذي انتشر واخذ يهدد العلاقات الخاصة وينتج عنه إعاقة التعامل مع بين الأفراد الذي يجب أن تسوده الثقة والاطمئنان.

ج‌-  تجريم غسل الأموال

في سياق العولمة يستغل المجرمون سهولة حركة رأس المال، وأوجه التقدم في التكنولوجيا وازدياد حراك الناس والسلع، وكذلك التنوع الكبير في الأحكام القانونية في الولايات القضائية المختلفة، ونتيجة لذلك يمكن نقل الموجودات بسرعة كبيرة من مكان إلى آخر عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية، من خلال استغلال حالات عدم التناظر الموجودة بين الولايات القضائية، وقد تظهر الأموال في النهاية في شكل موجودات مشروعة في أي جزء من أجزاء العالم.

إن غسل الأموال يعني "تمويه مصدر الأموال المكتسبة بطريقة غير مشروعة، وبعبارة أخرى التصرف بالنقود بطريقة تخفي مصدرها واصلها الحقيقي، ويعرف انه تحويل العائدات غير المشروعة من نظام يقوم على النقد إلى نظام يقوم على العمل".

وتعتبر التشريعات الفلسطينية متواءمة إلى حد كبير مع ما ورد في الاتفاقية،  كالقرار بقانون رقم 9 لسنة 2007 المعدل بقرار بقانون رقم 6 لسنة 2013، وكذلك القرار بقانون رقم 13 لسنة 2016 بشأن تعديل قرار بقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 20 لسنة 2015، حيث نصت المادة الثانية من القرار بقانون رقم 13 لسنة 2016 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على: يعد مرتكبا  لجريمة غسل الأموال كل من قام بأي فعل من الأفعال التالية: أ- استبدال أو تحويل أو نقل الأموال من قبل أي شخص وهو يعلم بأن هذه الأموال تشكل متحصلات جرمية لغرض إخفاء أو تمويه الأصل غير المشروع لهذه الأموال لهذه الأموال أو لمساعدة شخص متورط في ارتكاب الجريمة الأصلية على الإفلات من التبعات القانونية المترتبة على أفعاله.

وقد جرمت المادة الثانية فقرة ب من قانون مكافحة غسل الأموال إخفاء وتمويه طبيعة الممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، مع العلم بأن تلك الممتلكات هي عائدات جرائم ونصت على: "يعد مرتكبا  لجريمة غسل الأموال كل من قام بأي فعل من الأفعال التالية:  ب- إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية أو المصدر أو الموقع أو التصرف أو الحركة أو الملكية أو الحقوق المتعلقة بالأموال من قبل أي شخص بعلم أن هذه الأموال تشكل متحصلات جريمة".

وكذلك جرمت المادة الثانية من قانون مكافحة غسل الأموال اكتساب عائدات الجرائم أو حيازتها أو استخدامهما والتي  نصت على: "يعد مرتكبا  لجريمة غسل الأموال كل من قام بأي فعل من الأفعال التالية: ج- تملك الأموال أو حيازتها أو استخدامها من قبل أي شخص وهو يعلم في وقت الاستلام أن هذه الأموال هي متحصلات جريمة لغرض إخفاء أو تمويه الأصل غير المشروع لهذه الأموال.

ح‌- إعاقة سير العدالة

يحافظ المفسدون أو الفاسدون على ثروتهم وقوتهم ونفوذهم بالسعي إلى تقويض نظم العدالة، ولا يمكن إقامة العدالة إذا ما تعرض القضاة أو المحلفون أو الشهود أو الضحايا لترهيب أو تهديد أو إفساد، ولا يمكن إقامة تعاون وطني ودولي فعال إذا ما لم توفر لأولئك المشاركين في عمليات التحقيق وإنفاذ القانون حماية كافية لأداء مهامه ولتقديم تقاريرهم دونما عوائق، ولا يمكن كشف أي جرائم خطيرة ومعاقبة مرتكبيها إذا حيل دون وصول الأدلة إلى المحققين والمدعين العامين والى المحكمة.

وتشكل عرقلة سير العدالة بالتأثير على الشهود أو الموظفين المنوط بهم تنفيذ القانون إحدى أهم العقبات التي تحد من مكافحة الفساد، ويزداد الأمر خطورة حين يقوم مرتكبو جرائم الفساد من ذوي السطوة والمال بممارسة أشكال التأثير المختلفة على الشهود أو الموظفين سواء أكان ذلك بالتهديد أو الترهيب أو بغيرها من الوسائل، وهذا ما جرمته الاتفاقية في مادتها الخامسة والعشرين[6] تحت عنوان عرقلة سير العدالة.

وقد جرم قانون العقوبات الساري التحريض على شهادة الزور بإعطاء النقود أو تقديم الهدية أو عبر استخدام التهديد في حال بلغ الجاني مقصده من شهادة الزور في مواده 80 و 214[7]، ولم يجرم القانون هذه  الأفعال في حالة عدم بلوغ الجاني لمقصده، ولم يجرم القانون صراحة التحريض عبر استخدام القوة البدنية أو الوعد أو عرض مزية غير مستحقة، كما لم يجرم التحريض على تقديم الأدلة في إجراءات تتعلق بارتكاب أفعال مجرمة وفقا للاتفاقية.

إن المادة 215 من قانون العقوبات المعمول به في الضفة الغربية بشأن حالة الرجوع عن شهادة الزور أعفت الجاني( مقدم شهادة الزور) من العقوبة إذا ما رجع عن شهادته قبل صدور حكم قضائي في الدعوة موضوع شهادة الزور، حيثُ هدف المُشرع من ذلك تشجيع الجاني على عدم الاستمرار في جريمته مما يُسهل عمل السلطة القضائية بشأن مواجهتها لجرائم الفساد في فلسطين.

كما جرم القانون ذاته ضرب الموظف أو الاعتداء عليه أو معاملته بالعنف والشدة أو تهديده أثناء ممارسة وظيفته أو بسبب ما أجراه بحكم وظيفته[8].

 

 

 

ولما تقدم ولما كان الفساد أخطر الظواهر الإجرامية التي يعاني منها المجتمع الدولي، نظراً لما تلحقه من آثار خطيرة بأمن المجتمعات واستقرارها، واستنزافها للموارد الاقتصادية والتنموية للدول التي ترتكب فيها، وحيث أن اتفاقية الأمم المتحدة تمثل الإطار القانوني لمكافحة هذه الظاهرة، ثمة بد من التأكيد على ما يلي:

1.    إن المنظومة القانونية الفلسطينية تخلو من نصوص تشريعية صريحة ومباشرة، ومرجعية قانونية موحدة تعنى بتنظيم علاقة القانون الدولي بالقانون الداخلي بشكل عام، فالقانون الأساسي المعدل لسنة 2003، لم يحدد آليات توطين القانون الدولي وعلاقته بالقانون الداخلي، كما أنه لا يمكن التذرع بعدم تنفيذ الاتفاقية بداعي عدم نشرها في الجريدة الرسمية، استناداً للمادة 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات التي أكدت بأنه لا يجوز لأي طرف في معاهدة أن يتمسك بأحكام قانونه الداخلي كسبب لعدم تنفيذه لهذه المعاهدة باستثناء المواد المتحفظ عليها أصولاً.

2.    أن التشريعات الفلسطينية السارية (قانون العقوبات وقانون مكافحة الفساد وتعديلاته والقوانين المتعلقة بغسل الأموال وغيرها من التشريعات) تتفق بشكل نسبي مع ما أوردته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد من التزامات على عاتق الدول الموقعة على الاتفاقية، وأن الاتفاقية لا يمكنها أن تنشئ بذاتها تجريماً مباشراً يطبق تلقائياً على الدول الأطراف فيها، وعليه فلابد من استمرار العمل على مواءمة التشريعات السارية مع هذه الاتفاقية وإصدار قانون عقوبات عصري ينسجم مع الاتفاقيات التي انضمت إليها دولة فلسطين.

3.    ضرورة سن وتطبيق القوانين والأنظمة الجديدة التي من شأنها المساهمة في مكافحة الفساد مثل قانون حق الحصول على المعلومات ونظام الهدايا ونظام حماية المبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم.

-       غير أنه فيما يتعلق بنظام حماية المُبلغين ورغم إيماننا بأهمية إصدار النظام، لابد من التنويه في هذا المقام على نقطة هامة وهي بأن الضمانات القانونية لحماية المبلغين لا تكفي ولا تٌقنع أحدا إذا كان – في بعض الأحيان وخاصة بالنسبة لجرائم الرشوة والواسطة- من يُفترض به أن يُبلغ هو شريك في الجريمة، فيختصر الراشي الصداع والإشكال ويقوم بدفع الرشوة للحصول على خدمة ما، وهذا يعني بأن المراهنة فقط على الموطن في الإبلاغ هي مراهنة خاسرة. لابد من تحسين مستوى الخدمة التي تقدمها مؤسسات الدولة وأن يكون تقديمها بالسرعة المناسبة، مما يساهم في إنحسار الأسباب التي تدعو المواطنين الى تقديم الرشاوى للموظف العمومي.

4.    على رغم من أهمية التشريعات القانونية في مواجهة جرائم الفساد، الا أنه لابد من الإستمرار  في تقوية وتفعيل المؤسسات الرقابية حتى تكون قادرة على لعب دورها في تحصين نظام النزاهة الوطني. إننا نعي تماما أهمية القرار الذي إتخذه رئيس السلطة الوطنية الفلسطيني مُؤخرا بشأن الإعلان عن عقد الإنتخابات التشريعية والرئاسية في الوطن بما يشمل ذلك قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشريف. فإعادة إنتخاب مجلس تشريعي مُنتخب يُمثل الكل الفلسطيني من شانه أن يعيد التوازن الدستوري بين السلطات الثلاث عبر تفعيل الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية.

-       وهنا لا نجد من مفر سوى الدعوة الى ضرورة العمل على إستحداث منصب/ مكتب المُفتش العام لدى أجهزة إنفاذ القانون ( قوى الأمن الفلسطينية بمختلف مشاربها وتشعباتها) لضمان حسن سير العمل وتعزيز الرقابة الداخلية في مؤسسات الدولة. وهو بالتأكيد ما تدعو له المعايير الدولية بشأن مكافحة الفساد.

5.    كما انني في هذا المقام أقترح تعمد الجهات المختصة الى إصدار قانون المنافسة ومنع الإحتكارات أو ما يُعرف بقانون منح الإمتيازات للقطاعات التي تُقدم خدمات أساسية للجمهور كقطاع المياه والكهرباء والإتصالات. رغم أن هذه التشريعات تُعد في ظاهرها ذات علاقة بالمنظومة الإقتصادية والصناعية بشكل مُباشر، إلا انها تلعب دورا محوريا في خدمة نظام النزاهة والشفافية وتقوية ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة في فلسطين.

6.    إن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تعتبر أساساً قانونياً احتياطياً في مجال المساعدة القانونية المتبادلة وتسليم المجرمين، حيث أن أصل التزام الدولة بالتسليم يجد أساسه القانوني إما فيما ترتبط به اتفاقيات ثنائية مع الدولة التي تطالبها بالتسليم، وإما في أحكام تشريعها الداخلي إذا كان لديها تشريع داخلي ينظم التسليم، فإذا لم يوجد بين الدولتين اتفاقية تسليم ولم يكن لدى أحدهما تشريع داخلي فإن الالتزام القانوني للتسليم بشأن جرائم الفساد يمكن أن يجد مصدره في هذه الحالة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وعليه لابد من الإسراع في إصدار قانون خاص بالتعاون القضائي الدولي ينسجم مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.

وفي الختام، نقول بأن الفساد ليس كارثة طبيعية، بل هو كارثة مُنظمة تهدف الى سلب الفرص من الرجال والنساء والأطفال والعاجزين عن حماية أنفسهم، وأن الفساد إحدى العوائق التي تمنعنا من تحرير الوطن.



[1]- المادة 170 من قانون العقوبات"كل موظف عمومي وكل شخص ندب إلى خدمة عامة سواء بالانتخاب أو بالتعيين وكل امرئ كلف بمهمة رسمية كالمحكم والخبير والسنديك طلب أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعداً أو أية منفعة أخرى ليقوم بعمل حق بحكم وظيفته عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين، وبغرامة من عشرة دنانير إلى مائتي دينار"، المادة 171 / 1 -كل شخص من الأشخاص السابق ذكرهم طلب أو قبل لنفسه أو لغيره هدية أو وعداً أو أية منفعة أخرى ليعمل عملاً غير حق أو ليمتنع عن عمل كان يجب أن يقوم به بحكم وظيفته، عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة من عشرين ديناراً إلى مائتي دينار،2-يعاقب بالعقوبة نفسها المحامي إذا ارتكب هذه الأفعال، المادة 172 /1 -يعاقب الراشي أيضاً بالعقوبات المنصوص عليها في المادتين السابقتين، 2 -يعفى الراشي والمتدخل من العقوبة إذا باحا بالأمر للسلطات المختصة أو اعترافا به قبل إحالة القضية إلى المحكمة، المادة 173 -من عرض على شخص من الأشخاص الوارد ذكرهم في المادة (170 (هدية أو منفعة أخرى أو وعده بها ليعمل عملاً غير حق أو ليمتنع عن عمل كان يجب أن يقوم به عوقب - إذا لم يلاقِ العرض أو الوعد قبولاً - بالحبس لا أقل من ثلاثة أشهر وبغرامة من عشرة دنانير إلى مائتي دينار.

 

[3]-نصت المادة 16 من الاتفاقية:1- كل دولة طرف اتخاذ ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم القيام، عمداً، بوعد موظف عمومي أجنبيا و مؤسسة دولية عمومية بمزية غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء لصالح الموظف نفسه، أو لصالح شخص أو كيان آخر لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما، لدى أداء واجباته الرسمية، من اجل الحصول على منفعة تجارية أو أية مزية غير مستحقة أخرى أو الاحتفاظ بها فيما يتعلق بتصريف الإعمال التجارية الدولية.2- تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم قيام موظف عمومي أجنبيا و موظف في مؤسسة دولية عمومية عمداً، بشكل مباشر أو غير مباشر بالتماس أو قبول مزية غير مستحقة، سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر لكي يقوم ذلك الموظف بفعل ما أو يمتنع عن القيام بفعل ما لدى أداء واجباته الرسمية.

 

[5]- المادة 422 من قانون العقوبات: كل من سلم إليه على سبيل الأمانة أو الوكالة ولأجل الإبراز والإعادة أو لأجل الاستعمال على صور معينة أو لأجل الحفظ أو لإجراء عمل - بأجر أو دون أجر- ما كان لغيره من أموال ونقود وأشياء وأي سند يتضمن تعهداً أو إبراء وبالجملة كل من وجد في يده شيء من هذا القبيل فكتمه أو بدله أو تصرف به تصرف المالك أو استهلكه أو أقدم على أي فعل يعد تعدياً أو امتنع عن تسليمه لمن يلزم تسليمه إليه، ويعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبالغرامة من عشرة دنانير إلى مئة دينار. و المادة 423 -1 -إذا كان مرتكب الأفعال المبينة في المادة السابقة خادماً بأجرة أو تلميذاً في صناعة أو كاتباً أو مستخدماً، وكان الضرر الناشئ عنها موجهاً إلى مخدومه فلا تكون مدة الحبس أقل من سنة واحدة. 2 -ولا تكون العقوبة أقل من ثلاثة أشهر إذا كان مرتكب الأفعال المذكورة أحد الأشخاص المذكورين أدناه أ- مدير مؤسسة خيرية وكل شخص مسؤول عن أعمالها.ب- وصي القاصر وفاقد الأهلية.ج- منفذ الوصية أو عقد الزواج. د- كل محامٍ أو كاتب عدل.هـ- كل شخص مستناب عن السلطة لإدارة أموال تخص الدولة أو الأفراد أو لحراستها..

[6]- المادة 25 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد: تعتمد كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم الأفعال التالية عندما ترتكب عمداً: أ-استخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب أو الوعد بمزية غير مستحقة، أو عرضها أو منحها للتحريض على الإدلاء بشهادة زور أو بالتدخل بالإدلاء بالشهادة أو تقديم الأدلة في إجراءات تتعلق بارتكاب أفعال مجرمة وفقا لهذه الاتفاقية، ب- استخدام القوة البدنية أو التهديد أو الترهيب للتدخل في ممارسة أي موظف قضائي أو معني بإنفاذ القانون مهامه الرسمية فيما يتعلق بارتكاب أفعال مجرمة وفقا لهذه الاتفاقية وليس في هذه الفقرة ما يمس بحق الدول الأطراف في أن تكون لديها تشريعات تحمي فئات أخرى من الموظفين العموميين.

[7]-  المادة 80/1 من قانون العقوبات لسنة 1960: -يعد محرضاً من حمل غيره على ارتكاب جريمة بإعطائه نقوداً أو بتقديم هدية له أو بالتأثير عليه بالتهديد أو بالحيلة والدسيسة أو بصرف النقود أو بإساءة الاستعمال في حكم الوظيفة.المادة 214/1- من شهد زوراً أمام سلطة قضائية أو مأمور له أو هيئة لها صلاحية استماع الشهود محلفين أو أنكر الحقيقة أو كتم بعض أو كل ما يعرفه من وقائع القضية التي يسأل عنها، سواء أكان الشخص الذي أدى الشهادة شاهداً مقبول الشهادة أم لم يكن، أو كانت شهادته قد قبلت في تلك الإجراءات أم لم تقبل يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات.

[8]- المادة187/1 من قانون العقوبات "من ضرب موظفاً أو اعتدى عليه بفعل مؤثر آخر أو عامله بالعنف والشدة أو هدده أو شهر السلاح عليه أثناء ممارسته وظيفته أو من أجل ما أجراه بحكم الوظيفة، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين.2 -وإذا وقع الفعل على قاضٍ، كانت العقوبة من سنة إلى ثلاث سنوات.